عرفت نفوسة بعد وصول الإسلام إليها حركة ثقافيّة واسعة النطاق، تجلّت معالمها فيما خلّفه أهلها من آثار لا يخطئها الباحث في مُختلف المجالات: فكرًا ودينًا، تاريخًا وأدبًا، نقوشًا ومعمارًا، وما إلىٰ ذلك ممّا يَسِمُ حضارة المجتمعات. وقد بدت الصلة قويّة بين تلك الآثار الحضاريّة وطبيعة الحياة الاجتماعيّة، وسلوك الأفراد وطريقة عيشهم؛ فالتراث كما يُعرّفه غالي شكري هو “جماع التاريخ المادّيّ والمعنويّ للأمّة منذ أقدم العصور إلى الآن”. وممّا لا شكّ فيه أنّ هذا الموروث لم يكن له أثرٌ في نفوسة وما جاورها من مدائن فحسب، بل امتدّ شعاعه إلىٰ بقاعٍ أخرى من عالمنا الإسلاميّ.
ودراسة هذه الآثار، والاهتمام بهذه الجذور له أهمّيّته في إدراك الحقيقة، وفهم الماضي وبناء الحاضر واستشراف المستقبل. وذلك بالاطّلاع عليه والتعرّف إليه وباتّخاذ مواقف من تجارب السابقين، وربطها بالحاضر الذي نعيشه. ومن ثمّ يكون اتّباع خطوات النجاح والبناء وتجاوز الأخطاء، فتنشأ، تبعا لذلك، القدرة علىٰ التخطيط؛ فالتاريخ نظر وتحقيق، ومن لا يدرك كيف كان ماضيه وكيف نبعت ثقافته والعوامل التي أثّرت في إرثه الحضاريّ، يعجز عن تقدير وجهة مستقبله. ولن يتمكّن من المحافظة علىٰ هويّته، ولا علىٰ إرثه الفكريّ ولا الثقافيّ ولا العلميّ.
ومن هذا المنطلق، منطلق نظريّة الشيخ علي يحي معمّر في المعرفة والتعارف والاعتراف تأتّت فكرة هذا المؤتمر الذي تنظّمه جامعة نالوت للتعريف بهذا الموروث، وتجلية النور المنبعث من هذه البقعة التاريخيّة، ومدّ يد العون للتعاون والتواصل بين الباحثين والمفكّرين، وتقوية الروابط بين الماضي والحاضر بناءً لمستقبل أجمل.
انطلقت اعمال المؤتمر العلمي الثاني الموسوم بــ نفوسة وزوارة :(الأعلام والعلماء والمعالم) تحت شعار “اتصال وتواصل “، وذلك بمدرج كلية التقنية الطبية بجامعة نالوت صباح السبت 13 شوال 1443 هجرية الموافق 14 مايو 2022 م.