وفد طلابي من كلية الدعوة الإسلامية في طرابلس في زيارة علمية وثقافية لمدينة نالوت
في إطار التعاون الأكاديمي المثمر بين جامعة نالوت وكلية الدعوة الإسلامية بطرابلس، شهد يومي الخميس والجمعة الموافقين للأول والثاني من مايو 2025م، زيارة علمية وثقافية مميزة قام بها وفد من طلبة وأعضاء هيئة التدريس بكلية الدعوة الإسلامية إلى مدينة نالوت. وقد استُقبل الوفد بحفاوة بالغة في ساحة مسجد تندار العتيق، حيث كان في استقبالهم السيد رئيس جامعة نالوت والمسجل العام للجامعة ، إيذانًا ببدء جولة استكشافية ثرية للمعالم الأثرية والتاريخية والعلمية التي تزخر بها المدينة.
بدأت فعاليات الزيارة بالدخول إلى رحاب مسجد تندار العتيق، وقد تعرف الوفد على تاريخ المسجد وعمارته الفريدة ودوره الهام في حياة سكان المدينة عبر العصور.
وعقب هذا الاستقبال وزيارة المسجد العتيق، انطلق الوفد في رحلة عبر الزمن والتاريخ، حيث شملت الجولة استكشاف المدينة القديمة بنالوت، بأزقتها وبيوتها المتراصة التي تحكي قصصًا عن الماضي العريق للمنطقة. وقد تعرف الطلاب والأساتذة على أساليب العمارة التقليدية وأنماط الحياة القديمة.
كما زار الوفد قصر نالوت الأثري الشامخ، الذي يمثل تحفة معمارية وهندسية فريدة، واستمعوا إلى شروحات مفصلة حول تاريخ القصر ووظيفته الدفاعية والاجتماعية في العصور السابقة. وتضمنت الجولة أيضًا زيارة بيت الحفر عائلة الصكالي، الذي يعكس ابتكار سكان المدينة في التكيف مع البيئة الجبلية وتصميم مساكن عملية ومريحة.
وفي محطة أخرى ذات أهمية علمية، زار الوفد المتحف الليبي للتاريخ الطبيعي والديناصورات ، الذي أثار دهشة وإعجاب الطلبة بما يضمه من هياكل عظمية متحجرة وبقايا نادرة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، مما أتاح لهم فرصة فريدة للتعرف على الحياة القديمة على أرض ليبيا. حيث اطلعوا على مجموعة قيمة من الحفريات والبقايا التي تعود إلى عصور جيولوجية مختلفة.
كما تعرف الوفد على جانب آخر من تاريخ المنطقة من خلال زيارة التحصينات الإيطالية بمنطقة نالوت، التي تمثل شاهدًا على فترة الاحتلال وتكتيكات الدفاع في تلك الحقبة.
وقد أثرت الزيارة الجانب الديني والعلمي لدى الوفد من خلال زيارة مؤسسة الاستقامة للقرآن وعلومه بالمدينة، حيث اطلعوا على جهود المؤسسة في خدمة كتاب الله وتحفيظه وتعليم علومه، واستمعوا إلى توجيهات قيمة من القائمين عليها.
كما شملت الجولة زيارة حوش مرح الأثري، وهو موقع تاريخي آخر يحمل في طياته الكثير من الدلالات الثقافية والتاريخية للمنطقة.
ولإضفاء لمسة من الترفيه والاسترخاء على هذه الرحلة العلمية، كانت المحطة الأخيرة في هذه الرحلة الثرية زيارة محمية منتزه تالا السياحي، حيث استمتع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بجمال الطبيعة الخلابة والمناظر الطبيعية الساحرة التي يتميز بها المنتزه، مما أضفى على الزيارة لمسة من الاسترخاء والبهجة.
وقد عبر أعضاء هيئة التدريس والطلبة عن امتنانهم وتقديرهم لحفاوة الاستقبال، وللتنظيم الممتاز لهذه الزيارة الشاملة التي جمعت بين استكشاف التاريخ والطبيعة والتعرف على المؤسسات الدينية والعلمية. وأكدوا على الأهمية الكبيرة لمثل هذه الزيارات في إثراء معارفهم.
وقد تخللت هذه الرحلة العلمية والثقافية لحظات أدبية ووجدانية مؤثرة، حيث ألقى الدكتور رضا محمد جبران، أحد أعضاء هيئة التدريس المرافقين للوفد، أبياتًا شعرية معبرة تجسد مشاعر الحب والتقدير لمدينة نالوت وجمالها وتاريخها العريق. وقد لاقت هذه الأبيات استحسانًا كبيرًا من الحضور، وأضفت على الزيارة لمسة جمالية وعاطفية مميزة.
وقد جاءت أبيات الدكتور جبران على النحو التالي:
نالوت مسرى الأحبة
على نسماتك الأتقى يقوت** وفي سبحاتك الحسنى تفوت
بكم تحيا القلوب ولا عتاب** على صب بوصلكم يموت
وهل يحلو الغرام بغير ذكر** لنالوت إذا وجب السكوت
فيانالوت قد لاقيت حبا** وجودا ليس تبلغه البخوت
وطيب الخلق يشهد كل صب ** بأن الحب يسكنه الثبوت
((هوى نالوت أفقدني صوابي))** ولن يغني على جهري القنوت
وقد عبرت هذه الأبيات الشعرية بصدق عن الانطباع العميق الذي تركته نالوت في نفوس الزائرين، وأشادت بتاريخها العريق وجمال طبيعتها وكرم أهلها.
وفي إطار تعزيز أواصر التعاون والتقدير المتبادل، قام السادة بكلية الدعوة الإسلامية بتقديم درع الكلية تذكارًا للسيد رئيس جامعة نالوت، تعبيرًا عن شكرهم وتقديرهم لحفاوة الاستقبال والجهود المبذولة لإنجاح هذه الزيارة.
وبالمقابل، قامت جامعة نالوت بتقديم درع الجامعة للوفد الزائر من كلية الدعوة الإسلامية، تعبيرًا عن سعادتها بهذه الزيارة القيمة وتأكيدًا على أهمية التعاون المستمر بين المؤسستين في خدمة العلم والمعرفة.
ختامًا، تُعد هذه الزيارة الناجحة التي شارك فيها أكثر من ستين طالبًا وعضو هيئة تدريس من كلية الدعوة الإسلامية إلى مدينة نالوت ومعالمها ومؤسستها الدينية، نموذجًا للتعاون المثمر بين المؤسسات التعليمية، وتؤكد على أهمية ربط الجانب النظري بالتطبيق العملي