المؤتمر العلمي الثاني
عرفت نفوسة بعد وصول الإسلام إليها حركة ثقافيّة واسعة النطاق، تجلّت معالمها فيما خلّفه أهلها من آثار لا يخطئها الباحث في مُختلف المجالات: فكرًا ودينًا، تاريخًا وأدبًا، نقوشًا ومعمارًا، وما إلىٰ ذلك ممّا يَسِمُ حضارة المجتمعات. وقد بدت الصلة قويّة بين تلك الآثار الحضاريّة وطبيعة الحياة الاجتماعيّة، وسلوك الأفراد وطريقة عيشهم؛ فالتراث كما يُعرّفه غالي شكري هو “جماع التاريخ المادّيّ والمعنويّ للأمّة منذ أقدم العصور إلى الآن”. وممّا لا شكّ فيه أنّ هذا الموروث لم يكن له أثرٌ في نفوسة وما جاورها من مدائن فحسب، بل امتدّ شعاعه إلىٰ بقاعٍ أخرى من عالمنا الإسلاميّ.
ودراسة هذه الآثار، والاهتمام بهذه الجذور له أهمّيّته في إدراك الحقيقة، وفهم الماضي وبناء الحاضر واستشراف المستقبل. وذلك بالاطّلاع عليه والتعرّف إليه وباتّخاذ مواقف من تجارب السابقين، وربطها بالحاضر الذي نعيشه. ومن ثمّ يكون اتّباع خطوات النجاح والبناء وتجاوز الأخطاء، فتنشأ، تبعا لذلك، القدرة علىٰ التخطيط؛ فالتاريخ نظر وتحقيق، ومن لا يدرك كيف كان ماضيه وكيف نبعت ثقافته والعوامل التي أثّرت في إرثه الحضاريّ، يعجز عن تقدير وجهة مستقبله. ولن يتمكّن من المحافظة علىٰ هويّته، ولا علىٰ إرثه الفكريّ ولا الثقافيّ ولا العلميّ.
ومن هذا المنطلق، منطلق نظريّة الشيخ علي يحي معمّر في المعرفة والتعارف والاعتراف تأتّت فكرة هذا المؤتمر الذي تنظّمه جامعة نالوت للتعريف بهذا الموروث، وتجلية النور المنبعث من هذه البقعة التاريخيّة، ومدّ يد العون للتعاون والتواصل بين الباحثين والمفكّرين، وتقوية الروابط بين الماضي والحاضر بناءً لمستقبل أجمل.

انطلقت اعمال المؤتمر العلمي الثاني الموسوم بــ نفوسة وزوارة :(الأعلام والعلماء والمعالم) تحت شعار “اتصال وتواصل “، وذلك بمدرج كلية التقنية الطبية بجامعة نالوت صباح السبت 13 شوال 1443 هجرية الموافق 14 مايو 2022 م.


نظمت أعمال المؤتمر العلمي الثاني تحت شعار (اتصال وتواصل) وبرعاية مؤسسة نفوسة للتواصل الاجتماعي والثقافي والذي تنظمه جامعة نالوت بالتعاون مع مؤسسة الاستقامة لتعليم القران الكريم وعلومه ومنظمة دار الدعوة لإحياء التراث الاباضي وجمعية الشيخ على يحي معمر للأصالة والتنمية والفسيفساء للطباعة والنشر والتوزيع.

وشارك في المؤتمر أساتذة وخبراء ومختصين من مختلف المراكز العلمية والجامعات الليبية والعربية من تونس والجزائر وسلطنة عمان بــ 38 ورقه بحثية منها 10 ورقات بحثية عبر التحاضر عن بعد.

حضر افتتاح أعمال المؤتمر رئيس جامعة نالوت ووكيل الشؤون العلمية ورئيس وأعضاء مؤسسة الاستقامة ومؤسسة نفوسة للتواصل الثقافي والجتماعي وجمعية الشيخ على يحي معمر ومنظمة دار الدعوة وأعضاء من المجلس البلدي نالوت وجمع من المهتمين من مختلف المدن الليبية والعربية.
ويهدف المؤتمر إلى:
1- التعرّف على جوانب من تاريخ نفوسة وزوارة الثقافي والعلمي والإبانة على ابعاده الحضارية.
2- التعريف بالموروث المادي لنفوسة وزوارة وبيان قيمته في حاضرها ومستقبلها.
3-التعريف بأعلام المذهب الإباضي وجهودهم وآثارهم عبر التاريخ.
4- توجيه عناية الأجيال الى جزء مهم من تراث ليبيا وتاريخها في الماضي والحاضر.
5- إبراز دور المؤسسات عامة والعلمية خاصة: والجامعة بصفة أخص في إثارة قضايا المنطقة ومعالجتها.